أخبار الإنترنت

ميزة ترجمة المحادثات تصل إلى واتساب على أندرويد: تحديث ذكي لتقريب الشعوب وفهم اللغات

ميزة ترجمة المحادثات تصل إلى واتساب على أندرويد: تحديث ذكي لتقريب الشعوب وفهم اللغات

في عصر أصبحت فيه المحادثات الرقمية هي الوسيلة الرئيسية للتواصل بين الناس، لم يعد الحاجز اللغوي مقبولًا أو حتى مبررًا. وهذا ما تدركه تمامًا شركة “ميتا”، التي تعمل جاهدة على تطوير “واتساب” ليكون أكثر ذكاءً وتنوعًا وانفتاحًا على اللغات والثقافات. أحدث هذه الخطوات جاءت في صورة ميزة جديدة كليًا: خيار لترجمة المحادثات مباشرة داخل التطبيق، والذي بدأ بالظهور تدريجيًا لمستخدمي نظام أندرويد.

ولكن، كيف تعمل هذه الميزة؟ ولماذا الآن تحديدًا؟ وهل ستحوّل واتساب إلى منافس قوي في عالم الترجمة الفورية كما نعرفه؟

ميزة الترجمة الفورية: ما الذي تغير؟

من المعروف أن واتساب يدعم منذ مدة طويلة الكتابة بلغات متعددة، لكنه لم يكن يتعامل مباشرة مع ترجمة المحتوى داخل التطبيق. فالمستخدم سابقًا كان بحاجة إلى نسخ الرسالة، والانتقال إلى تطبيق آخر للترجمة (مثل Google Translate)، ثم العودة للرد. كانت تجربة مجزأة ومزعجة.

الآن، مع هذا التحديث الجديد، يُتاح للمستخدم خيار “ترجمة” بجانب كل رسالة بلغة أجنبية، بضغطة واحدة فقط، ليظهر له النص المترجم داخل نافذة منبثقة ضمن المحادثة نفسها، دون الحاجة للخروج من التطبيق أو فتح نوافذ خارجية.

كيف تظهر هذه الميزة للمستخدمين؟

المستخدمون الذين بدأوا بتلقي التحديث لاحظوا ظهور رمز الترجمة (غالبًا على شكل أيقونة كُرة أرضية أو حرف T) إلى جانب الرسائل المكتوبة بلغة تختلف عن لغة النظام الأساسية على الهاتف.

مثلاً، إذا كانت لغة هاتفك هي العربية، وتلقيت رسالة بالإسبانية، سيقترح واتساب ترجمتها لك تلقائيًا، مع إمكانية تعطيل هذه الخاصية أو تخصيصها من إعدادات التطبيق.

التقنية وراء الكواليس

من الناحية التقنية، من المرجّح أن واتساب يعتمد على أنظمة الترجمة المتوفرة من خلال واجهات “ميتا” للذكاء الاصطناعي، أو يستفيد من واجهات Google Play Services التي تتيح التكامل مع أدوات الترجمة المدمجة في نظام أندرويد.

لكن المثير في الأمر أن الترجمة أصبحت تبدو فورية وسلسة للغاية، ولا تحتاج اتصالًا بالإنترنت في بعض الحالات – خصوصًا عند تنزيل حزم الترجمة للغات المرغوبة مسبقًا.

لماذا تعتبر هذه الميزة خطوة ذكية من واتساب؟

الميزة الجديدة ليست رفاهية، بل ضرورة ملحة في زمن العولمة الرقمية. ملايين المستخدمين حول العالم يتواصلون يوميًا مع أشخاص من ثقافات مختلفة، خاصة في بيئات العمل، التجارة، السفر أو حتى العلاقات الشخصية. أن تُتاح لك الترجمة لحظيًا أثناء المحادثة يعني:

  • توفير الوقت والجهد في الفهم والرد.
  • تقليل الأخطاء الناتجة عن استخدام تطبيقات ترجمة خارجية.
  • رفع جودة التواصل، خصوصًا في المحادثات الحساسة أو الرسمية.

هل هناك قيود على الميزة؟

كما هو معتاد مع الميزات الجديدة، يتم طرحها تدريجيًا، وقد لا تكون متاحة للجميع في الوقت نفسه. حتى الآن، الميزة تبدو حصرية لمستخدمي النسخ التجريبية أو أولئك الذين فعّلوا “الميزات التجريبية” (Beta Features) على أجهزة أندرويد.

أما على iOS، فلا توجد مؤشرات حتى الآن على طرح مشابه، لكن من غير المستبعد أن تُضاف في وقت لاحق بعد نجاح التجربة على أندرويد.

ماذا تعني هذه الميزة للمستقبل؟

الميزة ليست مجرد أداة ترجمة، بل تُعد تمهيدًا لمستقبل أكثر تكاملًا بين التواصل والذكاء الاصطناعي. يمكننا أن نتخيل في المستقبل القريب:

  • دردشات يتم ترجمتها تلقائيًا في الوقت الفعلي، بحيث لا يشعر الطرف الآخر بأنك لا تتحدث لغته.
  • رسائل صوتية تُترجم وتُعرض كنص بلغتك الأم.
  • فيديوهات داخل واتساب تُعرض مع ترجمة تلقائية مدمجة.

واتساب بهذا الشكل لا يطمح فقط أن يكون تطبيقًا للمحادثة، بل ليصبح وسيطًا عالميًا لفهم اللغات والثقافات المختلفة دون عوائق.

بين المنافسة والريادة

من الطبيعي أن نرى مثل هذه الميزة تحفز باقي تطبيقات التراسل للمنافسة. تيليغرام، ماسنجر، وحتى تطبيقات أصغر قد تتجه قريبًا لتوفير حلول مشابهة. لكن الفارق أن واتساب لديه قاعدة مستخدمين هائلة وواجهة استخدام مألوفة، ما يجعله مرشحًا لأن يصبح الرائد الحقيقي في هذا المجال.

الجانب الأخلاقي والخصوصية

دائمًا ما يُطرح سؤال مهم: هل تتم الترجمة على الجهاز؟ أم هل تُرسل الرسائل إلى خوادم خارجية لمعالجتها؟

رغم أن واتساب يستخدم التشفير التام بين الطرفين (end-to-end encryption)، فإن إضافة ميزة الترجمة قد تفتح أبوابًا للقلق، خصوصًا إذا كانت الترجمة تتم عبر خدمات خارجية.

حتى الآن، يبدو أن الشركة تسعى لتوفير الترجمة محليًا قدر الإمكان، لكن لا توجد معلومات رسمية مؤكدة بهذا الشأن. لهذا يُنصح المستخدمون المهتمون بالخصوصية بمراقبة إعدادات الترجمة وضبطها حسب رغبتهم.

كيف تستفيد من الميزة؟ خطوات تفعيل سريعة:

  1. تأكد من تحديث تطبيق واتساب إلى آخر إصدار متاح على متجر Google Play.
  2. افتح أي محادثة تحتوي على رسالة بلغة مختلفة.
  3. إذا ظهرت أيقونة الترجمة، اضغط عليها لتفعيل الترجمة الفورية.
  4. إذا لم تظهر، ادخل إلى “الإعدادات” > “الدردشة” > “الترجمة” لتفعيل الميزة (إذا كانت متاحة).
  5. يمكنك اختيار اللغات المرغوبة أو تنزيل حزم الترجمة للاستخدام دون إنترنت.

خلاصة: الترجمة لم تعد رفاهية

ما تقدمه واتساب حاليًا ليس مجرد ميزة جديدة تُضاف لقائمة الإعدادات، بل هو تطور طبيعي نحو تطبيق يُراعي تعدد اللغات والانفتاح الثقافي في العالم الرقمي. الترجمة اللحظية ستجعل التواصل أكثر انسيابية، وأكثر إنسانية.

وبينما تمضي الشركة قدمًا في اختبار وتوسيع هذه التجربة، يبدو أن المستقبل يحمل لنا المزيد من أدوات الذكاء الاصطناعي التي ستجعل الحدود اللغوية جزءًا من الماضي.