شاومي تتجه للانفصال عن غوغل: HyperOS جديد بلا خدمات Google… خطوة استقلالية أم مخاطرة محسوبة؟

في خطوة جريئة تُنذر بتحول كبير في خريطة أنظمة تشغيل الهواتف الذكية، كشفت تسريبات مؤكدة من داخل أروقة شركة شاومي أن الأخيرة تعتزم تطوير نسخة من نظامها HyperOS خالية تمامًا من خدمات Google.
هذه المبادرة تحمل في طياتها دلالات تقنية وجيوسياسية، وتطرح تساؤلات جوهرية حول مستقبل النظام البيئي لأنظمة أندرويد، وخاصة في الأسواق الآسيوية والعربية.
من MIUI إلى HyperOS: بداية التحول
منذ إعلان شاومي نهاية حقبة MIUI، والانطلاق رسميًا مع نظامها الجديد HyperOS، بدا أن الشركة تستعد لأكثر من مجرد تحسين بصري أو أداء داخلي.HyperOS لم يُبنى فقط ليكون واجهة مخصصة، بل ليكون نواة لنظام ذكي متكامل يعمل على الهواتف، الأجهزة اللوحية، الساعات، وحتى السيارات الذكية.
لكن ما لم يكن في الحسبان هو أن شاومي تعمل بصمت خلف الكواليس على نسخة خاصة من HyperOS لا تعتمد على أي من خدمات Google، أي خالية من:
- متجر Google Play.
- خدمات Play Services.
- تطبيقات Gmail، Maps، YouTube.
- البنية الأساسية للأمان والتحديثات الخاصة بجوجل.
لماذا هذا التوجه الآن؟
عدة عوامل تدفع شاومي للتفكير بهذه الخطوة الاستراتيجية:
1. الضغوط الجيوسياسية والاقتصادية
مع تصاعد التوترات بين الصين والغرب، تبحث الشركات الصينية عن استقلال تقني بعيد عن الأنظمة الغربية، خصوصًا بعد تجربة هواوي، التي تم عزلها قسريًا عن خدمات Google.
شاومي وإن لم تُفرض عليها قيود بعد، تبدو كمن يستعد استباقيًا لأي سيناريو مشابه.
2. نمو السوق المحلي الصيني
السوق الصيني لا يعتمد أصلًا على Google. معظم الهواتف في الصين تعمل بأنظمة أندرويد معدّلة بدون Play Store، مما يجعل HyperOS بدون خدمات Google أقرب لاحتياجات السوق المحلي.
3. تجربة هواوي كدرس ثمين
رغم الضربات التي تلقتها هواوي، نجحت في تطوير نظام HarmonyOS وتشغيله على ملايين الأجهزة.
شاومي تسير على نفس الخُطى، ولكن بطريقتها الخاصة، وبأدوات أقوى.
هل HyperOS بديل فعلي لأندرويد؟
هنا يجب التوضيح: HyperOS لا يزال مبنيًا على نواة أندرويد المفتوحة المصدر (AOSP)، لكن الفرق الجوهري في النسخة المستقلة القادمة أنه سيعمل دون أي دمج مع خدمات Google.
هذا يعني أن شاومي تطوّر بيئة عمل خاصة بها تشمل:
- متجر تطبيقات خاص (Mi Store مطور أو بديل جديد).
- خدمة خرائط صينية أو مطورة داخليًا.
- نظام إشعارات وموقع ونسخ احتياطي مستقل.
- مساعد ذكي غير Google Assistant (ربما XiaoAI).
التحديات: ليست كلها وردية
رغم أن الفكرة مثيرة، إلا أن شاومي ستواجه تحديات لا يُستهان بها، أبرزها:
1. اعتماد المستخدمين على Google
خارج الصين، يعيش المستخدم العادي داخل بيئة Google: يستخدم Gmail، يحتفظ بصوره في Google Photos، ويعتمد على Play Store لتحميل التطبيقات.
حرمانه من هذه المنظومة قد يجعل تجربة HyperOS ناقصة أو مربكة، على الأقل في البداية.
2. ضعف الدعم من المطورين
إذا لم تُقنع شاومي المطورين بدعم متجرها البديل، فستبقى التطبيقات الكبرى متوفرة فقط عبر طرق جانبية أو غير رسمية، مما يعيق التبني الواسع للنظام.
3. مسألة الأمان والتحديثات
Google تقدم طبقة حماية مهمة عبر Play Protect وتحديثات النظام السريعة. سيكون على شاومي تعويض هذا الجانب بتقنيات داخلية تُعيد بناء الثقة مع المستخدم.
هل سيُطلق HyperOS المستقل عالميًا؟
المصادر تشير إلى أن النسخة الأولى من HyperOS الخالي من خدمات Google ستكون مخصصة للسوق الصيني فقط، وقد تتوسع تدريجيًا إلى دول آسيوية أخرى كالهند وإندونيسيا.
أما إطلاقه في الأسواق الأوروبية أو العربية، فيبدو أنه مرهون بمدى تقبّل المستخدمين لنظام خالٍ من Google، وهي مغامرة غير مضمونة حتى الآن.
ردة فعل Google… وتوجس الشركات الأخرى
لا شك أن Google تراقب الوضع عن كثب. انفصال شركة بحجم شاومي “أحد أكبر شركاء أندرويد” قد يشكل سابقة خطيرة تهدد هيمنة Android التقليدية.
وفي المقابل، قد تُلهم هذه الخطوة شركات أخرى مثل Oppo أو Vivo لتجريب أنظمة مماثلة، مما يُدخل السوق في مرحلة جديدة من التشظي التكنولوجي بين الشرق والغرب.
هل من فرصة لتجربة HyperOS الخالي من Google في الوطن العربي؟
حتى الآن، لا توجد تأكيدات رسمية عن إطلاق النسخة المستقلة من النظام في الشرق الأوسط. لكن نظريًا، يمكن للمستخدمين المتقدمين تقنيًا تنصيب الرومات المخصصة بمجرد توفرها، خاصة أن مجتمع مستخدمي شاومي نشط جدًا في تطوير وتثبيت أنظمة معدلة.
ومع ذلك، تبقى التطبيقات المحلية والخدمات الحكومية والتطبيقات البنكية عائقًا، نظرًا لاعتمادها الكامل على بيئة Google.
خلاصة: شاومي تُغامر بثقة… والمستقبل سيكشف النجاح من الفشل
توجه شاومي لتطوير HyperOS بلا Google ليس مجرد تجربة تقنية؛ إنه إعلان استقلال رقمي، ورسالة إلى العالم مفادها: “نحن قادرون على بناء منظومتنا الخاصة.”
لكن هذه المغامرة محفوفة بالتحديات. فهل ستنجح شاومي حيث تعثرت هواوي؟
وهل سيقبل المستخدم العادي بهاتف ذكي لا يعرف Gmail أو YouTube؟
الأسئلة كثيرة، والإجابات قادمة في السنوات القليلة القادمة.