ميتا تطلق العنان لـ Meta AI: تطبيق مستقل ينقل الذكاء الاصطناعي إلى جيب المستخدم

في تطوّر لافت يثبت أن سباق الذكاء الاصطناعي لم يعد حكرًا على المحادثات النصية داخل تطبيقات الدردشة، أعلنت شركة ميتا (Meta) رسميًا عن إطلاق تطبيق مستقل لذكائها الاصطناعي Meta AI، ليكون متاحًا للمستخدمين على الهواتف الذكية بشكل مباشر.الخطوة تُعد نقلة نوعية في استراتيجية ميتا، وتكشف عن طموحها لمنافسة عمالقة هذا المجال أمثال OpenAI وGoogle، لكن بطابع اجتماعي وسهل الاستخدام ينسجم مع روح منصاتها مثل فيسبوك وإنستغرام.
ما هو Meta AI؟
Meta AI هو مساعد ذكي مبني على نماذج اللغة الكبيرة التي تطورها الشركة داخليًا، وعلى رأسها نموذج LLaMA 3 الأحدث، والذي يُعتبر واحدًا من أكثر النماذج كفاءة وتوازنًا في الأداء.
ومنذ أشهر، بدأت ميتا في دمج Meta AI داخل خدماتها مثل ماسنجر وإنستغرام، إلا أن إطلاق تطبيق مستقل لأول مرة يمثل إشارة قوية إلى أن الشركة تطمح لجعل مساعدها الذكي منصة قائمة بذاتها، وليس مجرد إضافة جانبية داخل تطبيقات التواصل.
مزايا التطبيق: ليس مجرد شات بوت!
الميزة الكبرى لتطبيق Meta AI هي أنه يتجاوز فكرة الردود النصية. التطبيق يقدم:
- إجابات فورية ودقيقة على الأسئلة المعقدة في مختلف المجالات.
- إنشاء صور فورية باستخدام الذكاء الاصطناعي عبر أوامر نصية بسيطة.
- مساعدات مخصصة في التعلّم، البرمجة، الترجمة، وحتى تنظيم المهام الشخصية.
- واجهة سهلة وسلسة تركز على التفاعل البشري، مع إمكانية “التحدث” إلى المساعد صوتيًا.
الميزة الأبرز؟ أنه مجاني تمامًا ولا يتطلب اشتراكًا مدفوعًا، في محاولة واضحة من ميتا لجذب أكبر عدد من المستخدمين وجعل الذكاء الاصطناعي جزءًا من حياتهم اليومية.
توسع استراتيجي يضع Meta في موقع متقدم
خطوة ميتا تأتي في توقيت ذكي، خاصة مع تزايد الطلب على مساعدات ذكية تكون دائمًا في متناول اليد. بينما تقدم OpenAI تطبيق ChatGPT المدفوع، وGoogle توفر Gemini داخل تطبيقاتها، فإن ميتا قررت كسر النمط بإصدار مساعد قوي، سريع، متكامل… ومجاني.
وهذا يتماشى مع رؤية مارك زوكربيرغ الذي صرّح سابقًا بأن مستقبل الذكاء الاصطناعي يجب أن يكون مفتوح المصدر ومتاحًا للجميع، وهو ما تعكسه فلسفة LLaMA، النموذج الذي تعتمد عليه Meta AI.
متاح الآن… لكن ليس للجميع
التطبيق بدأ بالوصول تدريجيًا للمستخدمين في الولايات المتحدة وكندا والمملكة المتحدة وأستراليا، مع وعود من الشركة بتوسيع الإتاحة في الأشهر القادمة لتشمل مناطق جديدة.
للأسف، لا تزال بعض الدول العربية خارج النطاق التجريبي الأول، وهو أمر اعتادت عليه المنطقة في مراحل إطلاق منتجات الذكاء الاصطناعي الحديثة، لأسباب تتعلق غالبًا بالترخيص والبنية اللغوية.
من مجرد “إضافة” إلى “مساعد رئيسي” في حياتك
الميزة التي تراهن عليها ميتا هي أن تطبيقها الجديد ليس فقط وسيلة للاستفسار أو الدردشة، بل يمكن أن يصبح:
- مساعد دراسة للطلاب.
- أداة مساعدة في العمل الحر.
- دليل سفر ذكي.
- مصمم صور احترافي عبر الأوامر.
- موجه لغوي لمستخدمي الترجمة والكتابة
وبهذا الشكل، يتحول الذكاء الاصطناعي من مجرد تجربة فضولية، إلى عنصر أساسي في حياة المستخدم.
دمج مستقبلي في فيسبوك وإنستغرام؟
الميزة الأخرى التي لا يمكن تجاهلها هي قدرة ميتا على الدمج العميق بين Meta AI وباقي منصاتها الاجتماعية. من المتوقع أن نرى قريبًا:
- اقتراحات ذكية لردود في التعليقات.
- مساعدات لإنشاء القصص (Stories) والمحتوى في إنستغرام.
- تحليلات لحظية للمشاركات العامة والمجموعات في فيسبوك.
- دعم أدوات المراسلة بخيارات متقدمة لتلخيص الرسائل والملفات.
هذا الدمج بين الذكاء الاصطناعي والشبكات الاجتماعية يمنح ميتا قوة تميزها عن منافسيها الذين يعملون في بيئة منفصلة عن اهتمامات المستخدم اليومية.
الخصوصية والأمان: ماذا عن بيانات المستخدم؟
سؤال مشروع يطرحه الجميع عند استخدام تطبيق ذكاء اصطناعي جديد: ماذا عن الخصوصية؟
ميتا أوضحت أن التطبيق يعمل وفق سياسات شفافة، وأن بيانات المستخدم لا تُستخدم لتدريب النماذج بشكل مباشر ما لم يوافق المستخدم صراحة. لكن، وكما هو الحال مع معظم تقنيات الذكاء الاصطناعي، هناك دائمًا هامش من القلق لدى المستخدمين المتقدمين تقنيًا، خاصة في العالم العربي حيث لا تزال السياسات التنظيمية المحلية في مراحلها الأولى.
الذكاء الاصطناعي للجميع… شعار ميتا الجديد؟
من خلال Meta AI، تبدو ميتا وكأنها تقول: “لن نترك مجال الذكاء الاصطناعي فقط لمطوري النماذج أو للشركات التقنية المتقدمة، بل سنوصله للمستخدم العادي بطريقة بسيطة، جميلة، ومجانية.”
وهو ما يعكس الرؤية التي بدأت ميتا تتبناها في السنوات الأخيرة: دمج كل تقنيات المستقبل “من الواقع المعزز إلى الذكاء الاصطناعي” في أدوات سهلة لا تتطلب خلفية تقنية لاستخدامها.
هل نشهد ولادة منافس فعلي لـ ChatGPT؟
رغم أن Meta AI لا يزال في بدايته، فإن إطلاقه في تطبيق مستقل يرسل إشارة واضحة إلى السوق: ميتا قادمة، وبقوة.
ومع تحديثات متتالية للنموذج، وتوسع تدريجي في اللغات والميزات، من غير المستبعد أن يتحول Meta AI خلال عام واحد إلى منافس حقيقي لـ ChatGPT، خاصة إذا تم دعمه بإمكانات كالرؤية والتفاعل الفوري، وتكامل مع الأجهزة الذكية مثل النظارات وQuest VR.
خلاصة: ميتا تغير قواعد اللعبة من جديد
تطبيق Meta AI هو أكثر من مجرد إضافة في سباق الذكاء الاصطناعي؛ هو إعادة تعريف لكيف يجب أن يكون المساعد الذكي في 2025: مجاني، سهل، مدمج في حياة الناس، ويعرف كيف يساعد دون تعقيد.
ميتا لم تدخل هذا السباق لتكون رقمًا عابرًا. بل هي تسعى لأن تجعل ذكاءها الاصطناعي… جزءًا منك.